المغرب يطلق مشروعاً استراتيجياً لتعزيز الاستجابة للكوارث الطبيعية والصناعية

المغرب يطلق مشروعاً استراتيجياً لتعزيز الاستجابة للكوارث الطبيعية والصناعية
رجال الإنقاذ في أحد المواقع المتأثرة بالزلزال

قال الخبير الاقتصادي المغربي سامي أمين إن تجربة الكوارث الأخيرة، التي تعرضت لها المملكة كشفت عن الحاجة إلى هيكلة احتياطيات مركزية قريبة من المراكز السكنية الكبرى ودروب الإمداد، وهو ما دفع المغرب لإطلاق مشروع تعزيز الاستجابة للكوارث الطبيعية والصناعية.

وقال أمين في تصريحات نشرتها وكالة أنباء الأناضول الثلاثاء إن دوافع هذه الخطوة تتمثل أيضاً في "تعزيز وتجويد منظومة الطوارئ داخل المغرب، من خلال إدراج أفضل الممارسات الدولية في إدارة وقيادة الأزمات، حيث يقتضي الأمر وجود منصات جاهزة للنشر الفوري، بما يحد من تأخر وصول الإغاثة إلى المتضررين".

وأشار أمين إلى أن من أسباب ودوافع إطلاق المشروع "الرؤية الملكية في دعم الصمود الترابي عبر أدوات استشرافية ولوجستية رقمية موحدة قادرة على التدخل خلال 6 ساعات من انطلاق عملية الإغاثة".

أشار الخبير المغربي إلى أهمية الموقع والتموضع الاستراتيجي، حيث يعتبر اختيار موقع المنصة بجهة الرباط سلا القنيطرة استجابةً لكثافة سكانية تزيد على 4 ملايين نسمة وخطوط مواصلات رئيسية تضمن تغطية جغرافية واسعة.

أوضح أيضاً أهمية التهيئة اللوجستية المتكاملة، حيث تضم المنصة مستودعات بها مختلف الاحتياجات والتجهيزات الطبية ومواد الإنقاذ، للتدخل في حالة الزلزال أو الفيضانات أو المخاطر الكيماوية أو الإشعاعية.

وأوضح أمين أن ما يرفع من فائدة الاستراتيجية الجديدة "نظام إدارة رقمي موحد، من خلال رقمنة العمليات بما يسهل تتبع عمليات الشحن والتوزيع، مع تحقيق زمن استجابة لا يتجاوز 6 ساعات من إخطار انطلاق العملية."

تجربة في إدارة الأزمات

أوضح أمين أنه "لدى المغرب خبرة تراكمية مهمة في إدارة وقيادة الأزمات، مثل زلزال الحسيمة 2004، وزلزال الحوز 2023، والفيضانات 2024 بالجنوب الشرقي، بالإضافة إلى التجربة الناجحة في إدارة وباء كورونا".

ولفت إلى أن هذه التجارب السابقة "ستفيد البلاد، وتجعل التجربة الجديدة قادرة على رفع درجة جاهزية المملكة وجعلها رائدة في الإقليم في إدارة الطوارئ، وفق المواصفات الدولية".

وأكد أمين أن هذه الخطوات "ستعزز قدرات البلاد على الصمود وتوفير استجابة فورية وعصرية لحماية المواطنين والمحافظة على استمرارية التنمية، تمهيداً لاعتماد هذه البنية في كامل جهات المملكة وضمان أمنها وتحقيق مخزونها الاستراتيجي المستقبلي".

وكان المغرب، قد أعلن في مايو الماضي، بدء العمل على إنشاء مستودع للتخزين والإغاثة في جهة "الرباط سلا القنيطرة" الواقعة شمال غرب المملكة، بهدف تعزيز سرعة الاستجابة عند وقوع كوارث طبيعية أو صناعية.

إطلاق منصة حيوية

أشرف الملك محمد السادس في بلدة عامر التابعة لمدينة سلا، على إعطاء انطلاقة المشروع الذي يحمل اسم "منصة المخزون والاحتياطات الأولية" لجهة الرباط سلا القنيطرة، وفق ما ذكرته وكالة الأنباء المغربية حينها.

تُعد جهة الرباط سلا القنيطرة واحدة من 12 جهة إدارية في المغرب، وفق التقسيم الإداري الجديد المعتمد منذ 2015.

 يهم المشروع العاصمة الرباط والمناطق القريبة منها، على أن تُعمم التجربة لاحقاً في جميع أنحاء البلاد.

استجابة لتجارب قاسية

يأتي المشروع في سياق استعداد المغرب لمواجهة الكوارث، بعد أن شهد خلال السنوات الماضية أحداثاً طبيعية مأساوية، أبرزها زلزال الحوز عام 2023، وسيول وفيضانات خلال 2024.

ستضم المنصة، وفق وكالة الأنباء المغربية الرسمية، خياماً وأغطية وأَسِرّة وأدوية ومواد غذائية، وتهدف هذه التجربة إلى تعميمها لاحقاً في جميع أنحاء المملكة، لمواجهة الكوارث مثل الزلازل والفيضانات والمخاطر الكيماوية والصناعية والإشعاعية بشكل فوري.

تكلفة ضخمة ورؤية مستقبلية

سيتم إنجاز المنصة على مساحة 20 هكتاراً (الهكتار يعادل 10 آلاف متر مربع) خلال مدة 12 شهراً، وبميزانية إجمالية تبلغ 287.5 مليون درهم (نحو 29 مليون دولار).

يشمل المشروع إنشاء 6 مستودعات، ومهبط مروحيات، ومواقف للسيارات، ضمن منظومة لوجستية متكاملة. 

وأشارت الوكالة إلى وجود خطة لاحقة لتشييد 12 منصة مماثلة في مختلف مناطق البلاد، بميزانية تقدر بنحو 7 مليارات درهم (700 مليون دولار).

دروس من الكوارث الطبيعية

يأتي المشروع في سياق استعداد المغرب لمواجهة الكوارث، بعد أن شهد خلال السنوات الماضية كوارث طبيعية، أبرزها زلزال الحوز، والسيول والفيضانات خلال 2024.

ضرب زلزال بقوة 7 درجات عدداً من المدن، في 8 سبتمبر 2023، بينها الرباط والدار البيضاء ومكناس وفاس ومراكش وأكادير وتارودانت، ما أدى إلى مصرع 2960 وإصابة 6125، إضافة إلى دمار مادي كبير، بحسب وزارة الداخلية.

شهدت البلاد خلال سبتمبر 2024 فيضانات وسيولاً ناتجة عن أمطار غزيرة، أدت إلى مصرع أكثر من 18 شخصاً، وتسببت بأضرار واسعة في البنية التحتية، وقطع طرق رئيسية، وانهيار أو تضرر أكثر من 1200 منزل جنوب شرقي البلاد.

تُعَدُّ الكوارث الطبيعية والتغيرات المناخية تحدياً عالمياً متزايداً، وقد دفع زلزال الحوز المدمر عام 2023 المغرب إلى تسريع جهود تعزيز جاهزيته لمواجهة مثل هذه الأحداث. يُشكل مشروع "منصة المخزون والاحتياطات الأولية" في جهة الرباط سلا القنيطرة خطوة استراتيجية نحو بناء قدرات استجابة أسرع وأكثر فعالية، مع تطلعات لتعميم هذه التجربة على مستوى المملكة لضمان أمن المواطنين واستمرارية التنمية في مواجهة التحديات المستقبلية.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية